By نصح on الخميس، 03 تشرين2/نوفمبر 2016
Category: المشرق

مدخل إلى النظام السياسي في إيران

سياق

​لا يمكن فهم النظام السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية من غير الرجوع إلى السياقات العامة التي اندلعت من خلالها الثورة الإيرانية في العام 1979، والتي بدورها أسست لنظام سياسي متميز في شكله ومضمونه عن غيره. وبالعودة إلى الوراء قليلا، من المهم التأكيد على أن الثورة الإسلامية في إيران التي وقعت في نهاية عقد السبعينيات من القرن العشرين قد اتخذت لها مساراً مغايراً عن النموذج الثوري الذي كان سائداً في العالم الثالث آنذاك والذي تمثل بالثورة على الأنظمة الرأسمالية الموالية للغرب وإحلال أنظمة حكم شمولية اشتراكية. لم تكن الثورة الإسلامية بتدبير من المعسكر الشرقي الاشتراكي ضد المعسكر الغربي الرأسمالي، بل كانت ثورة نابعة من عمق المجتمع الإيراني؛ والديني منه على وجه الخصوص، ومتجهة بمشروع معد مسبقاً إلى إحلال نظام إسلامي، يقوم على نظرية الولي الفقيه التي تعتبر التمظهر الأكثر تطوراً في بنية العقل السياسي الشيعي.

لم يكن  الخميني – وهو الأب الروحي لنظرية الولي الفقيه – يقصد من ثورته الاكتفاء بالاطاحة بنظام ملكي موالي للغرب فقط، بل كان يهدف إلى تأسيس دولة، ونظام سياسي يقوم على نظرية سياسية ثيوقراطية، والتي شهدت مسارات من التطور عبر التاريخ حتى وصلت إلى شكلها الناضج والعملي على يديه. فقد تم الدمج ولأول مرة في تاريخ المذهب الشيعي بين المنصب السياسي والمقام الديني في منصب واحد، وبيد رجل واحد. ومن هنا يمكن الاطمئنان إلى الافتراض الذي يقول: بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحديثة هي امتداد للدولة الصفوية مع اختلاف بسيط هو أن الفقيه كان يقوم بدور مانح الشرعية للحاكم في الدولة الصفوية بينما أصبح هو الحاكم ذاته في الجمهورية الإسلامية.

ومن هناك لم يكن مفهوم الدولة وفق نظرية الولي الفقيه مقتصراً على الإدارة الوظيفية لمؤسسات الدولة الشرعية بل تعداه إلى فرض حالة من الوصاية الوجدانية على الشعب، والتحكم في تصوراته ومنطلقاته الدينية والشخصية، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يتم النص في دستور الجمهورية الإسلامية على أن يكون الرئيس الإيراني منتمياً لمذهب الدولة الرسمي وليس دينها الرسمي، فالرئيس يجب أن يكون شيعياً اثنى عشرياً وليس مسلماً فقط. وفي ذات السياق، فالوالي الفقيه الذي تعود إليه كل السلطات يعتبر الحاكم السياسي والمرشد الديني في الوقت ذاته، فهو نائب الإمام المعصوم الغائب وفق العقيدة الاثنى عشرية، والنيابة رغم أنها نيابة وظيفة لا نيابة مقام إلا أنه تمنح الولي الفقيه سلطة الإمام في كافة المجالات، ولذلك يكتسب موقعه نوعاً من القداسة تجعل من أحكامه ذات صفة ألوهية.

ومع ذلك لم يكتف الولي الفقيه بقداسة موقعه لاحكام قبضته على مقاليد الحكم؛ ففي نهاية المطاف فإن الدول لا تحكم فقط بكلمة الله بل بأنظمة ومؤسسات قادرة على ضبط النظام وتسير عجلة الاقتصاد والتنمية، ومن هنا كان تميز النظام الإيراني الإسلامي في إنشاء وتكوين المؤسسات والأجهزة الشرعية الكثيرة والمتداخلة فيما بينها والتي من شأنها أن تعمل على تركيز السلطة في يد طبقة واحدة هي طبقة الفقهاء، وتحصن موقع الولي الفقيه، وتضمن استمرار واستقرار نظام الحكم والثورة. فعلى سبيل المثال تم إنشاء الحرس الثوري كقوة عسكرية موازية بل ومتفوقه على القوات العسكرية النظامية؛ وإنشاء مجلس صيانة الدستور ليكون وصياً على مجلس الشورى (البرلمان)، ثم إنشاء مجمع تشخيص مصلحة النظام ليبت في الخلافات التي قد تقع بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور.

أما من حيث موقع إيران على خريطة النظام الدولي، فقد حاول الخميني أن يرسم لإيران خطاً مغايراً بعيداً عن التنافس بين المعكسرين الشرقي – السوفيتي، والغربي – الأمريكي، حيث كان شعار الثورة الإيرانية منذ البداية :"لا شرقية ولا غربية بل حكومة إسلامية"؛ وفي حين جعل من الولايات المتحدة العدو الأول لإيران والثورة، ونعتها بالشيطان الأكبر، حاول أن يحافظ على مسافة أمان من الاتحاد السوفيتي دون العمل على استفزازه، فقد كان للمعسكر الشرقي أهمية خاصة لإيران، فبعيد المقاطعة الغربية للنظام الثوري الإسلامي، وجدت إيران في الأسواق الاشتراكية متنفساً اقتصادياً لها. إن الحياد، وعدم الدوران في فلك أي من العسكرين الشرقي والغربي، كان من أهم ركائز السياسة الخارجية للإمام الخميني.

آمنت إيران الثورة بأن النظام الدولي القائم على القطبين لا بدَّ وأنه قد وصل لنهايته، فمع ظهور الجمهورية الإسلامية كان هناك قطب ثالث قائم على النموذج الإسلامي (الشيعي) قد أخذ في الظهور والتمدد. ومن هنا تبنت إيران مبدأ تصدير الثورة كواحد من الركائز الرئيسية الأخرى في سياستها الخارجية، فقد جادل الإيرانيون بأن الأنظمة القائمة على مبدأ الثورة الإسلامية قادرة على تشكيل نموذج موازي للنموذجين السائدين آنذاك في النظام الدولي، بالاضافة إلى أن الدول التي سوف تتبنى هذا النموذج من شأنها أن تتعايش بسلام. فمن حيث المبدأ فكما أن الدول الديمقراطية لا تتحارب فيما بينها، رأى الإيرانيون أن الدول الثورية أيضا لا تتحارب فيما بينها.

في النهاية علينا التأكيد بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر دولة وثورة في آمن واحد، وهي وإن لم تتخل عن الثورة فإنها لم تهمل بناء الدولة. كما أنها كيان له مشروع يسعى لتحقيقه. وبالرغم من تداخل المنطلقات الدينية والسياسية في تحديد سلوكها السياسي سواء مع الفاعلين الخارجيين أم الداخليين، فإن إيران لا شك تبقى دولة لا يمكن تجاهلها في أي ترتيبات إقليمية، وهي كغيرها من اللاعبين تسعى لتعزيز قوتها ونفوذها بما يضمن لها أمنها واستقرارها، فهي بذلك لا تشذ عن غيرها من الدول في النظام الدولي القائم، ولا بدَّ من التعامل معها ضمن هذه المحددات الواقعية للوصول ربما لتفاهمات أو صيغ يمكن أن تعيد الاستقرار إلى المنطقة من جديد.

تتميز تركيبة منظومة صنع القرار الإيراني بثنائية المؤسسات والاستراتيجيات، حيث يقابل كل مؤسسة للدولة مؤسسة للثورة ولاؤها الأول والأخير للولي الفقيه.

أولاً: المؤسسات السياسية

فيما يلي تفصيل صلاحيات ومسؤوليات أهم المناصب في النظام السياسي الإيراني وفق حجم السلطات.

1​- المرشد الأعلى (غير منتخب)

الولي الفقيه أو المرشد الأعلى منصب أحدثه الخميني بعد انتصار الثورة الإيرانية، ويعدّ المنصب السياسي الديني الأعلى في البلاد حيث يقوم من يشغره بنيابة "الإمام المهدي" حتى خروجه في آخر الزمان. مهامه الدينية هي الإفتاء والبتّ في الأحكام، أمّا سياسياً فلديه كافة الصلاحيات الدستورية التي تخوّله تخطي وتعطيل كافة المناصب والقرارات الرسمية عدا قرار عزله الصادر عن مجلس الخبراء.

يتمّ انتخاب المرشد الأعلى من مجلس الخبراء، وتمتد ولايته مدى الحياة نظرياً وفقاً للمادة (111) من الدستور. ويحقّ للمجلس عزله إذا ثبت عجزه عن أداء وظائفه القانونية، أو فقده لأحد مكونات أهليته المنصوص عليها في الدستور.

يحدّد الدستور مسؤوليات وصلاحيات المرشد الأعلى كالتالي:

  • تنصيب وعزل وقبول استقالة كل من:
    • فقهاء مجلس صيانة الدستور.
    • رئيس السلطة القضائية.
    • رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في جمهورية إيران الإسلامية.
    • رئيس أركان القيادة المشتركة.
    • القائد العام لقوات حرس الثورة الإيرانية.
    • القيادات العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي.
  • تنظيم العلاقة بين السلطات الثلاث.
  • المصادقة على تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب.
  • تحديد السياسات العامة لنظام جمهورية إيران الإسلامية بعد التشاور مع مجتمع تشخيص مصلحة النظام.
  • الإشراف على تنفيذ السياسات العامة.
  • تعيين ستة أعضاء ستة من مجلس خبراء القيادة المكون من اثني عشر شخصاً.
  • إصدار الأمر بالاستفتاء العام.
  • قيادة القوات المسلحة.
  • إعلان الحرب والسلام والنفير العام.
  • عزل رئيس الجمهورية.
  • العفو العام وإلغاء عقوبات الإعدام.

2- الرئاسة (منتخب)

يعتبر رئيس الجمهورية أعلى مسؤول رسمي في البلاد بعد مقام المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية. وهو صاحب المسؤولية عن تنفيذ الدستور ورئاسة السلطة التنفيذية، إلا فيما يتعلق بمسؤوليات المرشد الأعلى. ويُنتخب رئيس الجمهورية لفترة مدتها أربع سنوات بوسيلة التصويت المباشر من الشعب، وليس لديه الحق في تولّي منصبه أكثر من مرتين.

صلاحيات رئيس الجمهورية:

  1. رئاسة السلطة التنفيذية، وهذا يعني أنه يقوم مقام منصب رئيس الوزراء وحصر صلاحيات السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية فقط.
  2. تعيين وعزل الوزراء، بشرط موافقة مجلس الشورى.
  3. الإشراف على هيئة التخطيط والميزانية.
  4. قيادة مجلس الأمن القومي.

تنص المادة 115 من الدستور على ضرورة توافر الشروط التالية في منصب الرئيس:

  1. إيراني الجنسية
  2. ذو إدارة وحنكة وافية
  3. حسن السلوك والأمانة
  4. مؤمن بالمبادئ الأساسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية
  5. يعتنق المذهب الرسمي للبلاد

3- ​السلطة القضائية (غير منتخب)

لا تخرج السلطة القضائية عن السياق العام لآلية الحكم في إيران وتبعيتها المباشرة للولي الفقيه، ومهمة السلطة القضائية بحسب الدستور إحقاق العدالة، ويرأسها شخص مجتهد وعادل ومطلع على الأمور القضائية يعينه المرشد الأعلى لمدة خمس سنوات. وتطبّق السلطة القضائية الأحكام الشرعية وفق المذهب الشيعي الجعفري، وتمّ ذلك في سنة 1984 بعد إلغاء كافة القوانين الوضعية السابقة انسجاماً مع المرسوم الذي أصدره الخميني عام 1982.

صلاحيات رئيس السلطة القضائية:

  1. تنصيب وعزل القضاة،
  2. نقل وتحديد وظائف وترفيع القضاة،
  3. تشكيل المحكمة العليا للبلاد
  4. الإشراف على صحة تنفيذ القوانين في المحاكم وتوحيد المسيرة القضائية وأدائها لمسؤولياتها القضائية.
4- السلطة التشريعية​ (منتخب)​
ا. مجلس الشورى:​(البرلمان)

وينص الدستور على المهام التالية للبرلمان:

  1. إعداد التشريعات،
  2. إعلان الحرب،
  3. منح الحقوق الخاصة بإقامة قواعد عسكرية،
  4. المصادقة على المعاهدات الدولية،
  5. الموافقة على إعلان حالة الطوارئ في البلاد،
  6. الموافقة على القروض ودراسة الموازنة السنوية وإجازتها،
  7. عزل رئيس الجمهورية ووزرائه المعينين من قبله.

تتجدد ولاية البرلمان كل أربعة أعوام، ويضم 290 عضواً منتخبين عن طريق الاقتراع الحر المباشر، ويجب أن تتوفر شروط التالية في المرشح:

  1. إيراني الجنسية
  2. ألا يقل عمره عن 25 عاماً، وألا يزيد عن 85 عاماً
  3. الحصول على أغلبية مطلقة
  4. الحصول على موافقة مجلس صيانة الدستور

 ب. مجلس خبراء القيادة:

مجلس خبراء القيادة الإيرانية هو أحد الأفرع التشريعية في البلاد من صلاحيته صيانة الدستور وتعيين المرشد الأعلى الثورة الإسلامية في إيران، ويتألف حالياً من 86 عضواً يتمّ انتخابهم عن طريق اقتراع شعبي مباشر لدورة واحدة مدتها ثماني سنوات. عين أول مجلس خبراء عام 1979 من 70 عضواً بأمر من الخميني لمراجعة مسودات الدستور تجهيزاً لطرحه لاستفتاء شعبي. ارتفع عدد أعضائه إلى 83 عضواً عام 1982 ليعكس عدد السكّان حيث يحق لكل محافظة انتخاب عضو إضافي لكل 500 ألف نسمة فيما لو زاد عدد سكّانها عن المليون، ورفع مؤخراً إلى 86 عضواً ليس فيهم امرأة واحدة، وغالبية هؤلاء الأعضاء من رجال الدين.

يتمّ انتخاب أعضاء مجلس الخبراء بواسطة اقتراع شعبي عام ويجتمع أعضاؤه في دورة عادية مرة واحدة كل سنة. وتبلغ مدة مجلس الخبراء ثماني سنوات. وأعضاؤه غير ممنوعين من تولّي المناصب الحكومية المختلفة.

ج. مجلس صيانة الدستور:

أحد أفرع السلطة التشريعية وأقواها لما يتمتع به من حق نقض القوانين الصادرة عن البرلمان إذا تنافت مع مبادئ الشريعة الإسلامية، أو مبادئ الثورة الإيرانية وفق المادة 98 من الدستور. يعين المرشد الأعلى نصف أعضائه المكونين من 12 فرداً فيما يعين رئيس السلطة القضائية نصفها الآخر، علماً أنه رئيس السلطة القضائية يرشحه رئيس الجمهورية ويصادق على تعيينه المرشد الأعلى.

5- مجمع تشخيص مصلحة النظام (غير منتخب)

هيئة استشارية يتم تعيين أعضائها الـ 39 من قبل المرشد الأعلى ويسند إليها مهمتين رئيسيتين وفق المادة 112 من الدستور الإيراني وهي حل الخلافات والأزمات الواقعة بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور، وتقديم النصح والمشورة للمرشد الأعلى.

6- مجلس الأمن القومي الإيراني (غير منتخب)

مهمته الدفاع عن الثورة الإسلامية ومصالح البلاد الاستراتيجية ويترأسه رئيس الجمهورية، ويضم كبار القيادات العسكرية والسياسية والقضائية. ويختص مجلس الأمن الوطني الأعلى بتعيين السياسات الدفاعية والأمنية للبلاد في إطار السياسات العامة التي يحددها المرشد الأعلى، فينا ينسق النشاطات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ذات العلاقة بالأمن والدفاع وفق المادة 176 من الدستور.

عدد أعضائه 13 عضواً وهم رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس الأركان، القائد العام لقوات الحرس الثوري، رئيس السلطة القضائية، رئيس مجلس صيانة الدستور، وزير الخارجية، وزير الاستخبارات، وزير الداخلية، وزير المال، ومستشارين يعينهما المرشد الأعلى. ورغم سيطرة المرشد الأعلى العملية على المجلس من خلال تبعية 6 أعضاء له، إلّا أنه يمتلك حق نقد قراراته بالإضافة إلى حق تعيين سكرتير المجلس.

7- المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية (غير منتخب)

شكل المجلس عام 2006 ومهامه تقديم المشورة ومراقبة أداء الحكومة الخارجي، والاستفادة من خبرة الدبلوماسيين القدامى.

​ثانياً: المؤسسة العسكرية

كسائر المؤسسات الرسمية الإيرانية تتسم المؤسسة العسكرية بثنائية مؤسسات الدولة المتمثلة بالجيش الإيراني، ومؤسسات الثورة المتمثلة بالحرس الثوري.

1-الجيش الإيراني

يعتبر الجيش الإيراني أو Artesh "العسكرية التقليدية لإيران" وجزء من القوات المسلحة لجمهورية إيران الإسلامية. ومهمة الجيش حماية وحدة أراضي الدولة الإيرانية من التهديدات الخارجية والداخلية.

اعتبر الجيش الإيراني ما قبل اندلاع الثورة الإسلامية الطفل المدلّل للولايات المتحدة في المنطقة، حيث قامت الحكومات الأمريكية المتتالية بدعمه وتسليحه بأحدث التقنيات لمواجهة خطر تمدد الاتحاد السوفيتي في بحر قزوين وللحدّ من الطموحات القومية العربية في المشرق العربي. اعتمد الشاه على الجيش الإيراني في توطيد أركان وحكمه وفي قمع معارضيه، ولقد ارتكب الضباط الإيرانيين في هذا الصدد العديد من الجرائم بحق المدنيين مما أورث كرهاً بين شرائح واسعة من الشعب. شهد الجيش الإيراني أبان انتصار الثورة الإسلامية انشقاق 60٪ من عناصره، ولقد سعت حكومة الخميني لتعزيز قوتها على الصعيد الداخلي من خلال شن عملية تطهير الجيش من الضباط على صلة وثيقة مع أسرة بهلوي. وعلى الرغم من نجاح الثورة في تطهير الجيش وفي تطويعه بشكل كامل لخدمة النظام الجديد، لم يحظَ الجيش بدرجة الاهتمام بنظيره الثوري (الحرس الثوري)، وينعكس ذلك بشكل واضح في ميزانيته التي تبلغ ثلث ميزانية الحرس الثوري.

ينقسم الجيش الإيراني إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي: القوات البرية، البحرية، والجوية، ويبلغ عدد المجندين فيه 420 ألف مجند. 

2- الحرس الثوري

تأسست قوات الحرس الثوري عقب الثورة في 5 مايو/ أيار عام 1979 بهدف حماية الثورة ومكتسباتها. وتفصّل المادة 150 من الدستور مهام الحرس كالتالي: يحافظ حرس الثورة الإسلامية الإيرانية على منجزات ودور الثورة وفي نطاق واجبات هذه الهيئة، ومجالات مسؤوليتها يوازي الواجبات التي تقع على القوات المسلحة الأخرى التي يحددها القانون، مع التركيز على التعاون الأخوي والانسجام فيما بينها. وتكمن أهمية الحرس الثوري في بنائه العقائدي القائم على الطاعة العمياء للمرشد الأعلى، ويقوم الأخير بتعيين كوادره الإدارية والقيادية حسب معيار الولاء والوفاء له.

ساعدت قوات الحرس الثوري جبهة الخميني في صراعه ضد حلفائه الثوريين، كجماعة مجاهدي خلق، كما عملت كثقل مضاد للمؤسسة العسكرية النظامية الموالية للشاه. وبعد زوال الأسباب الداعية لإنشاء الحرس شكّل الخميني لجنة بهدف دمج الحرس بمؤسسات الجيش، ولكن لم يتسنّ متابعة أعمال اللجنة إلى وفاة الخميني. وقام علي خامنئي إثر تعيينه بمنصب المرشد الأعلى للثورة بحلّ اللجنة للحفاظ على حليف ونصير قوي على الصعيد الداخلي. والجدير بالذكر أن رفسنجاني كان أكبر المساندين لعمل اللجنة التي كانت ستقضي إلى تحويل الحرس إلى جيش محترف، وإلغاء الثنائية الموجودة بينه وبين الجيش، وبالتالي ترسيخ دور مؤسسات الدولة على حساب مؤسسات الثورة.

يعتبر الحرس الثوري الإيراني الذراع الأقوى لصناعة وتنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية، ولقد مكنه دوره في تصدير الثورة الإيرانية من تأكيد مكانته وأهميته في الأمن القومي الإيراني. وتحظى وزارة الخارجية باهتمام خاص لدى الحرس الثوري، لكونها أحد أهم مراكز صنع قرار السياسة الخارجية. وقد كان لبعض مسؤولي الخارجية الإيرانية من المحسوبين على الحرس الثوري بصمات واضحة فيما آلت إليه علاقات إيران الخارجية.

يقارب عدد قوات الحرس الثوري الإيراني حوالي 125 ألف مجند و90 ألف متطوع و300 ألف احتياطي، وينفذون مهماتهم في أسلحة البر والجو، ويمتلكون أسلحة نوعية وحديثة، ويتكون من خمس فيالق أو وحدات رئيسية، يرأسها حالياً مجتمعةً اللواء محمد على جعفري، وهي:

أ. قوات التعبئة (الباسيج):

أسست قوات الباسيج إثر انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1980 تلبية لنداء الخميني لإنشاء جيش الـ 20 مليون رجل. تتميز الباسيج بكونها الجهاز الأساس لاستقطاب الشباب وتجنيدهم في خدمة المرشد الأعلى ومؤسسات الثورة، ويحظى المنتسبين إليها بامتيازات خاصة على مستوى مؤسسات الدولة. تضم الباسيج 90 ألف متطوع، و300 ألف مجند احتياطي، وتنشط في تجنيد أعداد أكبر أبان الحرب ليصل عدد المتطوعين فيها للملايين، ويقودها حالياً اللواء محمد رضا نقدي (عراقي المولد).

تساهم الباسيج في ضبط الأمن الداخلي من خلال تسيير دوريات في المدن بالإضافة إلى قيامها بمهام شرطة الآداب، ولقد تمّ استدعاها النظام في عدّة مناسبات لقمع المعارضة، كان أحدثها أثناء أحداث 2009، إثر انتصار أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية.

لا يقتصر نشاط الباسيج على الصعيد الداخلي، بل لها نشاطات خارج البلاد خصوصاً في تجنيد الأجانب المليشياوية، فلقد تدخلت على سبيل المثال لا الحصر في تشكيل قوات محلية في العراق بدعوى حماية المراقد، وكذلك في سورية حيث أرسل عشرات آلاف الشيعة الأفغان الهزارة للدفاع عن نظام الأسد.

ب. فيلق القدس:

تعتبر قوات فيلق القدس بمثابة القوات الخاصة للحرس الثوري، وهي الجهة الرئيسية المسؤولة عن العمليات العسكرية خارج حدود البلاد. تولى اللواء قاسم سليماني قيادة الفيلق في العام 2011 وينوبه حسين همداني، وعدد المنجدين فيه 5000 وفق مصادرٍ إعلامية.

أُنشِئ فيلق القدس في حرب الخليج الأولى لمواجهة العراق، ونشط لاحقاً في تدريب وتسليح المليشيات المناوئة لأعداء النظام الإيراني إقليمياً ودولياً، وقد دعم الفيلق عبد العلي مزاري رئيس حزب الوحدة الشيعي ضد حكومة محمد نجيب الله في أفغانستان، والتحالف الشمالي بقيادة أحمد شاه مسعود ضد حركة طالبان، وطالبان والقاعدة لاحقاً ضد الغزو الأمريكي، كما لها علاقات شبه رسمية مع كل من حزب الله اللبناني، وحماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

ينقسم الفيلق إلى عدّة وحدات جميعها ينشط خارج إيران، أشهرها الوحدة 400، وهي وحدة العمليات الخاصة يقودها حامد عبد الإله، والوحدة 190 اللوجستية المسؤولية عن تسليح أذرع الحرس الثوري في العالم ويقودها بهنام شهرياري.

​ثالثاً: الأحزاب السياسية الإيرانية

لا تجيز النسخة الأولى للدستور الإيراني إنشاء الأحزاب السياسية في البلاد، فيما سمحت المادة 26 بتشكيل منظمات وجمعيات واتحادات مهنية بموجب "الحرية النقابية" شريطة ألا تنتهك مبادئ الاستقلال والحرية والوحدة الوطنية ومبادئ الإسلام والجمهورية الإسلامية. ولقد شرّع لاحقاً قانون الأحزاب في سبتمبر 1981 للسماح بتشكيل الأحزاب ولتنظيم الحياة السياسية، ويشترط القانون الحصول على تصريح من وزارة الداخلية ليبدأ الحزب بممارسة نشاطاته.

فيما يلي قائمة قصيرة من الكيانات والمجموعات الرئيسية التي تعتبر أحزاباً سياسية:

1- المحافظون:

الأحزاب: الجمعية الإسلامية للمهندسين، حزب الائتلاف الإسلامي، جمعية رجال الدين، أنصار حزب الله، حزب المفكرين العصريين الإسلامي الإيراني، جمعية أنصار الثورة الإسلامية

التحالفات الانتخابية: ائتلاف بناة إيران الإسلامية، ائتلاف المتطوعين المستقلين الإيرانيين.

2- الإصلاحيون:

الأحزاب: درب الأمل الأخضر، حزب جبهة المشاركة الإسلامي، مجمع علماء الدين المجاهدين، جمعية نساء الجمهورية الإسلامية، حزب الثقة الوطني، الحزب الديموقراطي، منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، مكتب تعزيز الوحدة، حزب العمّال الإسلامي، شبكة تكافل العمّال الإيرانيون، الجبهة الوطنية.

التحالفات الانتخابية: الائتلاف الشعبي للإصلاح، مجلس تنسيق جبهة الإصلاح.

 3- البراغماتيون:

4​ - الأحزاب والحركات المحظورة: 

  • تنظيم العمال الثوري الإيراني
  • حزب توده
  • حزب العمال
  • الحركة الخضراء
  • حركة الخضر من أجل حرية إيران
  • الجبهة الوطنية الإيرانية 
  • حركة مجاهدي خلق
  • الرابطة الآرية
  • الحزب الشيوعي
  • الحزب الدستوري
  • حزب الأمة الإيرانية
  • حزب الحركة الفارسية

رابعاً: أبرز الشخصيات السياسية