By نصح on الخميس، 01 أيلول/سبتمبر 2016
Category: مقالات

الانتصار السريع وسقف التوقعات العالي

لم يلبث أن أعلن النظام عن سيطرته على طريق الكاستيلو حتى أعلنت المقاومة السورية بدء معركة فك الحصار عن حلب بمشاركة طيف واسع من قوات الثورة السورية على رأسها كتائب جيش الفتح وفتح حلب. ولقد شرعت فصائل المقاومة في تنفيذ خطة محكمة لتحرير أجزاء واسعة جنوب المدينة في مقدمتها كلية المدفعية. وبدأت المعركة بسيطرة جيش الفتح على مدرسة الحكمة تلاها انهيار سريع في صفوف القوات الموالية التي لم تكن مستعدة لرد سريع وبهذه القوة بعد فترة قصيرة من "نصر" الكاستيلو. فيما استمر الثوار في التقدم والسيطرة على تلال استراتيجية مكّنتها في المحصلة من السيطرة طريق الراموسة الاستراتيجي وفك الحصار عن الأحياء الشرقية المحررة من المدينة.

حقق نجاح معركة فك الحصار عن حلب هدفين استراتيجيين أولهما السيطرة على كلية المدفعية والآخر السيطرة على طريق الراموسة. أمّا على الصعيد المعنوي فلقد أعاد النصر الذي أحرزته المقاومة الوطنية ثقة الحاضنة الشعبية بالثوار وبقدرتهم على التصدي للتحديات الهامة.

ما بين الحصار وفكه

ما أن أعلن النظام عن حصار حلب الشرقية في الـ 28 من تموز 2016 حتى دعت كل من الأمم المتحدة ومجلسها لحقوق الإنسان وعدد من المنظمات الإنسانية للسماح بوصول المساعدات إلى الإنسانية إلى حلب. فجاء الرد الروسي على شكل منشورات ألقيت على الأحياء المحاصرة تدل المدنيين على ثلاثة ممرات إنسانية آمنة وممر للمقاتلين الراغبين بالاستسلام.

وفي حين أعلن مركز المصالحة في مطار حميميم عن خروج 169 مدنياً و69 مقاتلاً من حلب المحاصرة وتسوية أوضاعهم مع دمشق، أكدّ عدد من المنظمات الحقوقية وعلى رأسها المرصد السوري، خروج العشرات فقط فيما وصف الائتلاف الوطني السوري الممرات بـ "ممرات الموت" مؤكداً عدم ثقته بالروس أو النظام وداعياً اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووسائل الإعلام المستقلة بمراقبتها والتأكد من سلامة المدنيين الخارجين من المدينة. وفي المقابل، تبنى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري موقفاً متصالحاً مع الطرح الروسي ومطالباً في ذات الحين تعزيز التعاون العسكري بين موسكو وواشنطن، فيما دعا مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا لوقف إطلاق نار دائم وفوري كي يتمكن المدنيين من الخروج سالمين وآمنين من أحياء حلب الشرقية. وعلى الرغم من النداءات الدولية المتتالية لاحترام قرار مجلس الأمن رقم 2286، استهدفت القوات الجوية للنظام أربعة مرافق طبية من بينها بنك الدم الوحيد في الأحياء المحاصرة، كما استمرت باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً كالقنابل العنقودية والفوسفورية والبراميل المتفجرة ضد المدنيين فيها.

وأمّا على الصعيد الداخلي فلقد أعلن زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني فك ارتباط النصرة بتنظيم القاعدة وتشكيل جماعة جديدة باسم جبهة فتح الشام، فيما أوضح أن هذه الخطوة تسعى لتحقيق خمسة أهداف، هي:

وإذ أرجع بعض المحللين سبب فك ارتباط جبهة النصرة عن القاعدة إلى استجابتها للضغوط المتشكّلة من الاتفاق الروسي الأمريكي المحتمل حول استهدافها في سورية، إلّا أن المعلومات الواردة من الميدان تشير إلى وجود مسعى قديم ضمن قيادة التنظيم للقيام بذلك، ولقد منع دون حدوثه سابقاً وجود عدد من العوائق الذاتية والموضوعية أهمها:

وبغض النظر عن الأسباب المباشرة لاختيار هذا التوقيت للإعلان عن فك الارتباط، فإنه من المؤكد استمرار سياسة كل من الولايات المتحدة وروسيا في اعتبار جبهة فتح الشام إرهابية، كما جاء على لسان كل من كيري ولافروف، إلّا أنه من الممكن أن يؤثر هذا الإعلان على أساليب مواجهتها خصوصاً مع الترحيب الذي أبداه عدد من الفعّاليات السياسية والعسكرية السورية.

[i] https://www.hate-speech.org/jabhat-fateh-al-shams-income-and-resources-an-open-source-investigation/

مراحل ومحطات

الأسلحة

عرضت مجريات معركة الراموسة مستوى التسليح الذي وصلت إليه قوى المقاومة الوطنية، ولقد ضمت سلاح المدفعية، والدبابات، أسلحة مضادات الدروع*، بالإضافة إلى استخدام الطائرات بدون طيار لرصد تحركات القوات الموالية قبل الاقتحام، إلّا أن السلاح الأمضى كان المفخخات التي استطاعت احداث دماراً هائلاً في دفاعات النظام كما أنها لعبت دوراً هاماً في المعركة النفسية وتأثيرها على معنويات المقاتلين لدى الطرفين. 

ماذا بعد؟

​أدّى النصر السريع والخاطف لقوى المقاومة الوطنية إلى رفع سقف التوقعات لدى الحاضنة الشعبية للثورة، كما أنها ألهبت التوقعات والمعنويات لدى المقاتلين، إلّا واقع المعركة والمشهد العسكري الأكبر في المحافظة وخصوصاً ما يحصل إلى الشمال منها ينذر بصعوبة الخيارات المستقبلية وتعددها. فما يلي بعض السيناريوهات الممكنة ومدى فعالياتها ونجاعتها وأثر المردود.

أمّا على صعيد ردة فعل النظام فمن الصعب تخيل قبوله للواقع الجديد، وسيسعى بكل ما أوتي من قوة وفرص في استعادة الراموسة، وقد تكون الاستراتيجية الأنسب للتعامل مع صلفه هو تشتيت تركيزه في فتح جبهات أخرى كالساحل أو حماة.